يحكى أنه كان هناك هرّ (قط صغير) هو .. يعيش في منزل من تربيه .. وهي فتاة .. رقيقة كالحلم .. جميلة كلآلئ المحيط .. كانت ترعاه وتقدم له الطعام والمأوى...ز
كان يحبها بجنون .. يلهو بشعرها المبتل في أمسيات الصيف، ويدغدغ أطرافها بفرائه في ليالي الشتاء. كان يدمن كل أفعالها .. ويهوي ثنياتها في كافة أرجاء المنزل .. وكان يعشق رائحتها ورائحة ملابسها وكافة متعلقاتها .. وخصوصاً رائحة التوت البري المميز لأحمر الشفاه الخاص بها، كانت كثيرا ما تضبطه متلبساً وهو يحاول التهام أصابع احمر الشفاه .. وقد لطخ وجهه باللون الوردي .. فكانت تنقض علبه كالفراشة مداعبة ..تطرحه أرضا وتدغدغ بطنه بأنفها في براءة .. كانت تلهو معه كثيراً .. تداعب اسفل ذقنه بأناملها الرقيقة .. وتقبّل ما بين عينيه .. كانت أحيانا تشكو إليه شيئا ما وهو يعلم انه في بعض الأوقات يكون الوحيد الذي يستمع إليها عند شعورها بالوحدة أو عندما تزهد الأصدقاء ..وقد كان ينتشي بهذا الشعور حيث كان يشعر ولو للحظة بأنها ملكه هو وحده...ز
كان حبها ينمو بداخله لحظة بلحظة، كان ينتظرها كل ليلة..يحلم بملمس أصابعها على ظهره .. يشتاق لرائحتها الزكية.. كان لا يأكل إلا قليلا، فزاده هو بريق عيناها المتلألي .. كان قنوعاً، لم يطلب أكثر وإن حلم بأكثر من هذا...ز
شيئاً فشيئاً بدأت الفتاة الرقيقة في التغير من ناحيته .. لم تعد تلعب معه أو تدغدغه، وعندما كان يتمسح في ساقيها كانت تبتعد ولا تبالي. لم تعد تدعه لينام معها في غرفتها .. فقط كان ينام على بابها خارجاً. احيانا كانت تقسو عليه لأشياء تافهة.. لم تعد تهتم به حتى الإهتمام العادي...ز
اكتئب القط وانكمش أكثر .. كانت تقدم له الطعام فكان يأبى أن يأكله .. يعوي ويصرخ من اشتياقه لها، لكنها كانت تقدم له المزيد من الطعام .. هو لا يريد طعاماً .. فقط يريد حضنها هي...ز
لم تفهم ما يريده .. ولم يكف هو عن البكاء والحزن .. فهي بالنسبة له كل شئ.. حتى أصبح صوت بكاءه مزعجاً بالنسبة لها .. فطردته من المنزل في ليلة شتاء باردة...ز
لم تفهم ما يريده .. ولم يكف هو عن البكاء والحزن .. فهي بالنسبة له كل شئ.. حتى أصبح صوت بكاءه مزعجاً بالنسبة لها .. فطردته من المنزل في ليلة شتاء باردة...ز
لم يفهم سر قسوتها .. ظل يصرخ ويحاول التملص منها .. يلعق وجهها في توسل .. يمسك الأرض بأظافرة وهي تجذبه للخارج ... وأخيرا صفقت باب المنزل في وجهه وهو مازال مذهولاً...ز
وحيداً .. لا يدري شيئا خارج هذا الباب .. مصدوماً .. متألما .. يشعر ببرودة الجو .. والذعر من الكائنات الغريبة حوله.. فقط ظل يعوي ويصرخ أمام الباب...ز
كان روحه تنهار بسرعة جنونية.. وكل لحظة تمر عليه كانت ملايين الأحزان تتكثف على قلبه الصغير .. لم كل هذه القسوة..ز
شعور بالخديعة والنكران.. شعور بالضياع والأم .. والشوق والحب ..تصعب عليه نفسه أكثر فيموت الماً .. مياو .. أشياء تتردد في ذهنه ويشي بها مواءه.. ماذا فعلت؟ لما تفعلين بي هكذا؟ ... تعرفين انه ليس لي سواكي في هذه العالم .. لمن تتركينني ... مياو .. احبك فعلاً. يظل يصرخ.. بلا جدوى...ز
يمشي منكسراً بضع خطوات ... لا يستطيع الابتعاد أكثر .. فروحه مازالت حبيسة ذلك البيت العزيز...ز
وفي الصباح .. سوف يكتشف عامل القمامة بجوار الصندوق .. جثة قط صغير.. تحتضن زجاجة فارغة من الحليب وتضع شفتيها على فوهه الزجاجة.... ترى هل سيلاحظ العامل أن فوهة تلك الزجاجة كانت ملوثة بأحمر الشفاه؟؟ لا أعتقد.... ولا أعتقد أيضاً انه كان ليلاحظ أن احمر الشفاه هذا ... كان بطعم التوت البري. ..ز
وليد فاروق
ضربة شمس
ضربة شمس
26/3/2008