عقيدتي المـزيفة


ظننت لفترة من الزمن بأني إنسان مؤمن مكتمل، كنت قد بدأت أصلي الفرض وأغض البصر وأستمع إلى شرائط الدروس الدينية.. حتى ظننت أني من أهل الإيمان وبعدها 

بدأ يولد داخلي شعور غريب .. أنا مؤمن .. أنا الحق .. أنا أعلم أكثر من معظم العامة .. أنا تقي .. صلاتي والزبيبة التي بدأت في الإنبات على جبهتي تشي بإيماني .. أنا مسلم مكتمل .. للأسف أنظر إلى البشر التائهون بالخارج والفتيات المتبرجات فأدعو لهم بالهداية، فهم خاطئون .. ما هذه المنكرات التي يفعلونها .. ألا يتوبون إلى الله ؟؟


شيئاً فشيئاً يزداد إيماني كلما نظرت إلى كمّ الخطيئة خارج إطار حياتي .. أحسبني من أهل الجنة فأنا أتقى من هؤلاء .. وشعور الخطيئة لا يراودني أبداً

أنا لا أشتم أحداً لكني أحقد على أعداء الدين، أنا لا أزني لكني أحلم بسبي الفتيات المنحلاّت اللاتي يتمايلن أمامي في الطرقات ويجعلونني أبذل جهداً خرافياً كي لا أُفتن بهم ... تباً لكم أيها المجتمع الفاسق .. لا أعلم لماذا لا يأخذنكم الله بذنوبكم وأنتم تفسقون في الأرض جهاراً نهارا

ولكن صبراً .. فيوماً ما سيمكن الله عباده الصالحين في الأرض كي يقيموا شريعته ويحكمون بما أنزل .. وأنا منهم بالطبع

يومها سأطهر الأرض من الدنس، وسأذل أعداء الدين الذين ظللت أدعو عليهم بالهلاك طيلة حياتي وسأقيم العدل وأمر بالمعروف وأنهى عن المنكر بكتاب الله وسنة رسوله .. فنحن خلفاء الله في الأرض ولن نرضى إلا بحكم الله .. ونحن القائمون على تنفيذه بالطبع .. فمن أحسن منا ديناً وإيماناً

والآن .... وبعد صدمات عديدة تلقيتها ولازالت تضربني في حياتي وروحي وفي إيماني المزعوم .. أدعو الله كي يغفر لي خطيئتي حين ظننت أني على قدر من الإيمان

من أنا كي أدّعي ذلك؟؟ من أنا كي أظن أني سأقيم حكم الله على الأرض، وكأن الله ينتظرني أنا كي أُقيم شريعته؟ أنا الكافر الجاحد الجاهل الفاني .. أظن كبراً وغروراً أني على شيء من الإيمان والتقوى وأقنع نفسي بذلك ؟؟ أي زيف هذا؟؟ .. أي ذنب أعظم من أن أظن أنني وحدي الحق، وأن ما أعتقده فقط هو الصواب؟ أي قبح قد ظننته حينما اعتقدت أن التعصب والكراهية والحقد بداخلي هو عين الإيمان؟؟

تلك فتنة كبيرة .. أن تعتقد أنك تملك الحق وتحكم على الآخرين بمفهومك البشري الضئيل، أن تظن أنك أفضل من الآخرين ..أن تتدخل في مقدرات الله التي وضعها داخل النفوس .. أن تظن انك ستدخل الجنة راضياً عن أعمالك البلهاء وطريقة تفكيرك العقيمة .. من أنت كي تحتكر الله؟

الله .. الذي قال أنني دوماً على خطأ،، قالها الله بشتى الطرق والوسائل .. لكني كنت أكابر والقي بتهمة الكفر على القوم الآخرين .. وكأنني ملاك طاهر برئ لا ينبغي مسائلته لأنه يظن نفسه الحق

لقد أمنت مكر الله، لقد أيقنت أني سأدخل الجنة فقط لأني ظننت هذا .. وكان مفهومي الضئيل في الحياة هو مفهوم الله في خلقه 

أنا من كنت أسب الدين حين ظننته عصبية وكراهية وحمية وصراخ .. أنا من كنت أوذي رسول الله بضيق أفقي وتعنتي وإصراري على رؤية الدماء في الأرض بينما لم يرسله الله إلا فقط .. رحمة للعالمين


أنا لا أجرؤ الآن على اتهام أحد بالكفر .. فإن كان هناك متهما وحيداً في تلك القضية .. فهو الوجه الذي أراه ماثلاً أمامي في مرآتي كل صباح

ودمتم
وليد فاروق