الله ليس ديكتــاتـوراً




الله ليس بتلك الصورة التي رسمناها له. ولا الدين بهذه الديكتاتورية التي تربينا عليها، فالتربية الدينية التي نشأنا عليها لا تحتوي سوى على الطاعة والتخويف.. افعل كذا ولا تفعل كذا وإلا سيحدث لك كذا وكذا وكذا .. الطاعة العمياء ليست من الله في شيء وإلا كان الله أنزل أوامره فقط للناس ولم يهتم بتفسيرها.. هناك ما هو أهم من الأمر والنهي .. هناك الفهم والتقدير والحس... 

لماذا نزعنا الأحاسيس من الدين وجعلناه أوامر مفرغة من محتواها واختزلناه فقط في أفعل ولا تفعل؟ 

لماذا جعلنا طاعة رجال الدين من طاعة الله وطاعة الله من طاعة الوالدين والأقربين والأهل والعشيرة؟ بالرغم أن الله لم يأمرنا بأي طاعة إلا بسبب واضح وعن فهم ووعي واقتناع تام بالفعل.. لكننا أسقطنا التفكير في الأمور الدينية لأنهم خوفونا من الفكر والاسترسال في معنى ومفهوم الله بدعوى الشطط والحرمانية والكفر، فأصبح إيماننا بالله هشاً يعتمد على كلمات ومفاهيم الذين سبقونا فقط بينما كلام الله واضح وصريح... لابد أن تفكر بالله وتثير التساؤلات حوله وتبحث وتفتش عنه، فكيف ستؤمن بشيء إن لم تقتنع به داخلك أولا؟ 

الله ليس ديكتاتورا أو هيناً كي يأمرنا بأي شيء بدون سبب ومعنى مقنع.. فقد ترك لنا كل شيء مكتوباً ومنظوراً ومحسوساً.... ترك لنا العنان كي نفتش ونبحث عنه بأي مفهوم.. لم يجعل علينا في الدين من حرج ولم يحرم النقاش في آي فكرة مهما بلغت غرابتها وشطوحها.. 

لا أدري من أين أتينا بهذا الخوف من التفكير والتساؤل في الدين .. وكأننا سنفقد إيماننا المزعوم إن أعدنا التفكير في الله أو ستهبط علينا صاعقة من السماء إن نحن فتحنا باب التساؤلات والخيال. 

هل أقول لكم شيئا.. الله طلب منا دوما التفكير فيه .. بلا ثوابت أو محاذير أو أفكار مسبقة.. ترك لنا كلماته الشخصية بذاته.. كلمات سهلة واضحة لأي شخص يعرف فقط مبادئ اللغة، بل لأي شخص يشعر أو يسمع بحياد.. 

وأكثر شيء حذرنا الله منه هو الإتباع الأعمى بدون تفكير والاستسلام لمنطق الآباء والأسلاف والسير على طريقتهم بدون تفنيد أو اقتناع مبني على فهم.. حتى ولو كان الآباء على صواب، فأنت مأمور بالبحث عن الله في ذاتك.. في زمانك الخاص بمعطياتك الخاصة، لأن مفهوم الحقائق يختلف من جيل إلى جيل والدين بمفهوم الأسلاف وزمانهم يختلف عن مفاهيم الزمن الحاضر الحديث. 

نحن نريد اقتناع لا إتباع.. الله واسع محيط لا يريد أن ننظر له بمفهوم ضيق نابع من أشخاص مهما بلغت مكانتهم.. فالله لا يقف عند حدود أي أسلاف أو أفكار أو كلمات... 

الله يقول لنا تأملوا واسألوا واستخدموا كل معطيات زمانكم.. ولا تخافوا ولا تخجلوا ... ستخطئون وتصيبون.. ونحن دائما على خطأ... ستجهلون وتعلمون .. ونحن دائما على جهل.. فهذه الحياة ليست كاملة، هي فقط محاولات للفهم وتوسيع أفاق التفكير كل يوم.. فإن علمت لله معنى فاعلم أن الله أكبر من كل المعاني.. وإن وجدت لله حداً فاعلم أن الله لا يحده حدود.. وإن اكتشفت لله قدراً فاعلم أن جميع المخلوقات من البداية للنهاية لم يقدروا الله حق قدره... 

فابحث بذاتك عن الله كل يوم.. فكل يوم هو في شأن .. سبحانه وتعالى عما يشركون...


ودمتم 
وليد فاروق...